
منذ عهد بندر بن محمد, وعزيز يغيب, مرورا بسعود بن تركي, ومحمد بن فيصل ووصولا إلى عهد عبد الرحمن بن مساعد, ولما أعيت الأخير حِيَل عزيز وضاقت به سبل تقويمه, قال: اخرج من الأزرق غير مأسوف عليك. ولم يسلم الشاعر الجميل من بعض المعارضين الذين رددوا لاحقا بيت شاعر أزرق حين قال يصف خالد عزيز: يا لاعبا أعيا اللوائح .. ألاعب أنت أم سائح؟
إلى الشباب كانت الوجهة وبعقد محترم وذكي, صاغه الرجل الذكي خالد البلطان, حل عزيز, ولم يطل به المقام, وحين تأكد رئيس الليث أن الرجل لا فائدة منه ترجى ولا خير ينتظر, منحه ضوءا أخضر للذهاب للجار الأصفر, ولو كنت في إدارة النصر لتوقفت أمام موافقة البلطان كثيرا, فلا أظن الرئيس الأبيض الذكي سيوافق بسهولة على منحهم لاعبا وهو الذي ربما لا يوافق على منحهم ذنبا من الذنوب لو أرادوه.
ما حصل لاحقا يفسر الموافقة, جاء النصراويون يحملون (خيشتين) من القماش الأبيض تحوي مليوني ريال, وألقوها في مكتب البلطان, أقفوا مبتسمين يلتفتون خلفهم فرحين بالصفقة الصفقة, ينظرون إلى البلطان وهو يعد الأوراق النقدية الزرقاء, ويخنق ضحكته إلى أن غابوا عن عينيه فانفجر ضاحكا, وأتخيله يقول: في صحتك يا نصر.
ماذا حدث بعد ذاك, الأمير الوليد بن بدر المشرف المستقيل, راهن على عزيز, وراهن, وغطى على غياباته, وتكتم, لكن الشق أكبر من الرقعة, تعب الوليد من عزيز وتعب ماتورانا من عزيز, وتعبت الجماهير من عزيز, ولم يتعب عزيز من اختلاق أعذار في كل مرة, ولم يمل من ترديد عباراته المملة, ولم يبق لعزيز عزيز في النصر ولا في الشباب ولا في الهلال, فماذا تريد يا عزيز؟
خالد عزيز حالة نادرة في اللاعبين, في الملعب ليس مشاغبا بل يقدم أجمل لوحات الانضباطية التكتيكية, لا يجيد الحضور الإعلامي أبدا, يبتعد عن كل الأضواء, يسيطر على منتصف الملعب ويخضعه لطاعته متى ما كان في مستواه الفني واستعداده اللياقي العالي, والشواهد كثيرة منذ أن بزغ في بداية الألفية وحتى أن بلغ ذروة عطاءاته في كأس آسيا 2007 التي نال منتخبنا الوطني وصافتها, ولا أظن أن الهلال وفر حلا ما للاستفادة من عزيز لكنه فشل.
اليوم وبمغادرته الأخيرة للنصر يكتب عزيز الفصل الأخير في قصة لاعب موهوب, لا يعرف كيف يقدر موهبته, ولا يعرف أن النعم تدوم بالحمد, وتزول بالذنوب. اليوم يخذل عزيز كل من وقفوا معه وساندوه, ولا أظن أن هناك فرصة أخيرة يمكن أن تتاح للاعب الموهوب مرة أخرى, إنه نموذج يجب أن يقدم للنشء ويكتب تحته: الموهبة ليست كل شيء في كرة القدم.