أهم الأنباء

بتال القوس : الرئيس المرؤوس

Share
بقلم : بتال القوس 

لا يهتم الجمهور الرياضي بالتفاصيل، يريد أن يأمر فيطاع، وأن يتمنى فتتحقق أمانيه، وأن يحلم فتصدق أحلامه، أما كيف يتم الوصول إلى شواطئ رغباته فلا يهم. 

وإمعانا في ظلم ذوي القربى، تذهب بعض الجماهير إلى أن رئيس النادي ما جاء إلى هذا الكرسي إلا لخدمتهم، وأنه ما لم يفعل ما يريدون سيغيرونه ويستبدلونه بواحد من الواقفين في طوابير الانتظار، الموجودة في خيالاتهم فقط. 

في الهلال مثلا، يمارس أغلب جمهوره هذه الأيام ضغطا رهيبا على إدارة ناديهم بسبب تأخرها في التعاقد مع المدرب الجديد للفريق الأزرق الذي سيقوده في استحقاقاته المقبلة محليا وآسيويا. ولا يعلم الجمهور العاشق المغرم حجم المعاناة الكبيرة التي يجدها مسيرو الأمور في ناديهم للوصول إلى اتفاق مع مدرب ممتاز يلبي احتياجات الفريق في مهمته الآسيوية المنتظرة، ويعيد بناءها بعد مغادرة نجومه الكبار محليا وأجنبيا، بل لا يتفهمون هذه المعاناة ولو شرحت لهم أكثر من مرة، ولا يعنيهم أن المدربين العالميين يرفضون الحضور إلى الرياض، لأنهم لا يريدون العيش وسط مجتمع محافظ متمسك بثقافته الدينية والاجتماعية إلى درجة عدم قبول الخارج عنها، ولو كان ضيفا. 

في النصر أيضا، يريد العشاق الصفر لاعبين أجانب من فئة الخمس نجوم، ويريدون لاعبين محليين دوليين، ويريدون بطولات. من حقهم أن يحلموا، وتظل محاولة إقناعهم بأن هذا مستحيل في ظل هجر الشرفيين لناديهم، وتحمل رجل واحد كل المصروفات، مضيعة للوقت. 

على المشهد الاتحادي صورة أخرى من صور الجمهور العاطفي، الذي يحب أن يبقى كما هو متمسكا بما لديه، يرفض التغيير ويخشاه، لا يعترفون بأن نور ليس ''نور'' ولا يضعون ثقتهم الكاملة في أي رئيس جديد. يريدون عودة منصور البلوي، ولا يؤمنون بأن زمن النمور كان وليس الآن. 

تلك صور من الجمهور الرياضي في بلادنا تحدثهم بالعقل ويردون بالعاطفة، تقنعهم بالأدلة فيميلون مع الهوى. تستدعي الأرقام والوثائق، فيقولون بلّها واشرب ماءها، هذا أسطورتنا وأنت حاقد حاسد. 

في كل ما مضى لا ألوم الجمهور، فعين المحب لا ترى إلا حميد سجاياه، ولكني ألوم بعض رؤساء الأندية الحاليين الذين تخلوا عن دورهم الأساسي في التأثير في الرأي العام داخل أنديتهم، والمساهمة في تشكيل ذائقته. 

أزعم أن أبرز صفات القائد هي التأثير في رعيته وكسب ثقتهم، والابتعاد عن موافقتهم في كل ما يقولون ويتمنون، بل عليه أن يواجه الأماني بالواقع، ولا أظن أن التاريخ يعرف قائدا قال له الرعية: عليهم، فقال: عليهم. ولا يعرف التاريخ قائدا شكّله جمهوره، بل يعرف قادة تركوا بصمات في رعاياهم، شكلوهم بفكرهم، وسكنوهم بكاريزما شخصياتهم، وتركوا في التاريخ تأريخا. 

بعض رؤساء الأندية الحاليين لديهم القدرة على أن يكونوا قادة حقيقيين، لكنهم لا يمتلكون صبر القادة ويضعفون غالبا أمام الضغوط الجماهيرية، فيصبح الرئيس تابعا للمرؤوس. 

Tags:

تنويه:

نرجو من مستخدمي الموقع الكرام عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان أو المعتقدات أو المقدسات. ونرجو عدم استخدام خدمة التعليقات في الترويج لأي إعلانات. كما نرجو ألا يتضمن التعليق السباب أو أي ألفاظ تخدش الحياء والذوق العام تجاه أي شخصيات عامة أو غير عامة.