بقلم : بتال القوس
في ليلة عشاء كومبواريه التي امتدت ساعات، مر بمحاذاتنا رجل يرتدي الزي الوطني للإمارات تبعه ضيفي بنظراته وحين استقرت عيناه في عيني، سألني: الإماراتيون يحبون الكرة مثل السعوديين؟ قلت نعم لكن هذا يظهر أكثر في أبو ظبي مقارنة بدبي. رفع حاجبيه وأكمل نيابة عني: دبي مدينة مال وأعمال، ومدن المال تحتاج الكرة فيها إلى جهد مضاعف حتى تحجز موقعا في يوميات مجتمعها، وتابع: الكرة ليست لعبة الأغنياء. داعبته: افهم أنك من رجال المال والأعمال بما أنك تحب الجولف. ضحك وتابع: اليوم ذهبت لنادي الجولف في جبل علي، استمتعت كثيرا. يغمز بعينه ويمرر راحتيه على كتفيه وساعديه ويواصل: ألا ترى ''التان'' قد كسا جسدي. أجبته مداعبا: يبدو أنك تمارس الجولف طوال يومك في الرياض أيضا، ''التان'' واضح أكثر على مقدمة رأسك. وهي تنظر إلى جبينه الممتد إلى منتصف رأسه تضحك زوجته وتغازله: كومبو يحب الجولف كثيرا.
سألت أنطونيو: كيف ترى مستقبل الهلال؟ أجاب: مستقبل مشرق، يملك ثلاثين لاعبا يستطيعون اللعب دون أن تشعر بغياب أحد منهم، حرصت في عملي هناك أن يكون النجم هو الفريق لا الفرد، يعتدل في جلسته ويتحدث بكبرياء: معي لم يعد أحد يشعر بغياب ياسر، أو الشلهوب أو الدوسريين، ولا العابد، لكن جمهور الفريق لا يتحلى بالصبر ولا يعرف حدوده، قاطعته: ماذا تعني بحدوده؟ واصل: بعضهم يعتقد أن الإدارة انتخبت والمدرب أتى لتلبية طلباتهم فقط وليس لتوظيف استراتيجية المدرب والإدارة وتفعيل أفكارهم، يجب أن يفهموا أن القريبين من النادي يفهمون ويعرفون أكثر مما يعرفون هم في المدرجات، ويستمر بحماسة: أنتم في السعودية عاطفيون جدا، العمل يفشل إذا تدخلت العاطفة. مجددا قاطعته: ألم تدعمك الإدارة في هذا الاتجاه؟ بحماسة: بلا .. بلا الأمير نواف يتواجد معي يوميا يسألني عن كل شيء ويقدم لي دعما كبيرا ويتحدث مع اللاعبين ويحثهم، هذا الرجل يبدو لي أنه يحب الهلال أكثر من أي شيء آخر في حياته. والأمير عبد الرحمن؟ سألته، فقال: لم أشاهده إلا قليلا لكنه ''جنتلمان''، شعرت في المرات القليلة التي التقيته أنه يعاني ضغطا إعلاميا وجماهيريا كبيرا، ويستدرك بلهفة: يقولون إن لديه جمهورا كبيرا جدا على تويتر يوجهون له عشرة أسئلة كل دقيقة عن الهلال؟ أجبته: أكثر من مليون متابع. ينظر إلى زوجته وشفتاه تصطفقان محدثة صوتا يشبه ارتدادات الماء في مساحة ضيقة متحركة، وتقهقه المرأة مجددا وهي تبحلق في عيني الرجل الجالس أمامها.
لم أشأ أن يغادر كومبواريه حديثه عن المستقبل الأزرق، قلت له: من هو لاعب المستقبل الأزرق المشرق؟ بثقة يجيب: سلمان الفرج، بادرته: وأفضل لاعب سعودي رأيته في الأشهر التي قضيتها هناك؟ بالثقة نفسها: زوري، عبد الله لاعب لا يعقد الكرة، تكنيكه رائع جدا، أستغرب عدم وجوده في المنتخب؟ يعجبني أيضا هداف الشباب القصير، وقائد الاتحاد لكن زوري أفضل لاعب سعودي رأيته. استوقفته: والعابد؟ لاعب ماهر جدا، لا يقدر موهبته لا يهتم بنفسه خارج النادي، انظر إلى المولد اللاعب الصغير في الاتحاد يلعب أساسي في المنتخب ويقاتل، إنه لاعب جائع للإنجاز يريد أن يكون شيئا، نواف يستطيع أن يكون أفضل لكن.. ويصفق كفيه ببعضهما.
في كل مرة يجيب أنطونيو كومبواريه على أسئلتي، يختم بنظرات إلى زوجته كأنه يبحث لديها عن المصادقة على أقواله، ما منحني انطباعا جديدا بأنها تعرف أدق التفاصيل في عمله، سألته وأنا أنظر إليها لا إراديا كمن ينتظر جوابها لا جوابه: ماذا عن المدربين؟ أجاب بسرعة: برودوم أفضل مدرب في الخليج وليس في السعودية، إنه مدرب رائع جدا، يجب أن يتمسك به الشباب، مدرب عظيم، قاطعته: والجبالي فاز عليك مرتين ويتصدر الدوري؟ يجمع عضلات وجهه كمن يعاني ألما في بطنه وتضيق عيناه ويجيب: لا.. لا.. هذا مدرب بسيط لا يملك عمقا فنيا أبدا، تكتيكه تنق .. تنق ويرفع يديه في اتجاهات مختلفة يرسم مسارات متقاطعة لكرات طائشة، أمام ضحكاتهما المتعالية قلت: وكارينيو؟ عادت قسمات وجهه لطبيعتها وقال: مدرب.. مدرب يحب ''الشو'' مثل مورينيو، انظر ماذا يفعل على خط التماس، هذا ''شو'' أنا لا أجيد ذلك. بادرته: هل سيفوز بالكأس؟ بحماسة يرد: لا .. لا لا يستطيع الهلال هو البطل، سيخسر كارينيو، الهلال لديه القدرة والأفضلية في هذه المباريات.
