أهم الأنباء

بتال القوس : إلى الباص يا ...

Share
بقلم : بتال القوس 

في حديث ودي لم يخلُ من العصبية والحماسة بيننا في أثناء دورة الخليج، قلت لمسؤول رفيع في الرياضة السعودية: ألا تخجلون من أنفسكم، وأنتم ترون جيراننا عن اليمين والشمال ينقلون جماهيرهم على طائرات في مختلف المسابقات التي يشاركون فيها، بينما أنتم تنادون في إعلاناتكم: "هلموا إلى الباصات يا أنصار الأخضر"، وزدت والرجل منصت لا ينبس ببنت شفة: هل سبق ورأيت الباصات المهترئة التي تنقل جماهيرنا؟ هل ينقصنا المال لنفعل أفضل مما يفعلون؟ أجاب بالنفي، ما منحني فرصة المتابعة بروح المنتصر، فأكملت: يا سيدي، تنادون في وسائل الإعلام بدعم الأخضر وتطالبون الجماهير بالحضور، وأنتم لا تمنحونهم الإحساس بأهميتهم والشعور بأنهم جزء من هذا الأخضر الذي أكل القلوب مرات حبا، وحنقا حينا آخر.

لم يقدم المسؤول الرياضي، أي دفوع أمام كل ما قلته، بل وافقني الرأي وأضاف مما يعرف ولا أعرف: "كثير من الجهات الحكومية وبعض مسؤولي الدولة يعتقدون أن هذا المنتخب معني به نواف بن فيصل ومؤسسة الرياضة فقط، إن فاز قالوا لنواف (سويتوها) ما قصرتو، وإن خسر صمتوا صمتا يثير الريبة والخوف، ولا تدري ماذا يخبئ القوم وماذا يضمرون وما هم عليه مقدمون، وهل هم لما أحزننا حزينون". انتهى حديثه وترك لي بعضا من حماستي متقدة لم يطفئها ما قال وقلت.

منتخب البلاد جزء من الأرض التي ولدنا عليها، تنبض بحبه كل القلوب، لا قلب نواف وأحمد عيد فقط، يحتاج أهل هذه الأرض دائما إلى تعزيز هذا الشعور في نفوس النشء، وترسيخه في عقولهم، ولا يتأتى ذلك بالقول البليغ دون الفعل الواضح الجلي الذي يتشارك فيه الجميع بدءا من الرجل الأول إلى أصغر مواطن يتنفس على التراب السعودي.

أزعم - والزعم قول أقرب إلى الخطأ من الصواب - أن وجود مشجعين يتمنون خسارة المنتخب، هو نتاج تراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية ورياضية، أسهمت كلها وتسهم في هز المسلمات وخلق فجوات في نفوس الناس، تتسرب منها الشكوك الشيطانية إلى ما يفترض أنه عقيدة راسخة لا تمس. وأزعم - وهذا ليس آخر مزاعمي - أن الأمر قد يسهم في اختلال النسيج الاجتماعي وهز البنية المجتمعية ما لم يطرح على طاولة اختصاصيين في الاجتماع والرياضة والأمن الوطني.

كرة القدم في السعودية، تستقطب الملايين من شباب البلاد، يحبونها ويتابعونها، وتستقطع وقتا كبيرا من يومياتهم مناقشة وممارسة، ولا يمكن للدولة أن تغض الطرف عن هذه الحقيقة، ولا يمكن لها أيضا أن تتجاهل أن المنتخب الوطني - ممثلا للرياضة - بإمكانه أن يوظف في زيادة اللحمة الوطنية أو هزها.

أزعم أن فوز المنتخب الوطني أو خسارته يؤثران على المزاج العام في الشارع الكبير لا الرياضي فقط، ولنا في التجارب الماضية انتصار وخيبة خير الأمثلة، وأنا على يقين - هذه المرة ولا أزعم - أن أولي الأمر والحكمة في بلادنا يعنيهم مزاج مواطنيهم سلبا وإيجابا.

أتمنى أن نسارع في رتق الفتوق التي تركتها هذه السلبيات، وأن يلتفت المسؤولون إلى الهوة السحيقة التي نسير إليها مغمضي الطرف وكأن الأمر لا يعنيهم، وأمام إندونيسيا في نهاية مارس المقبل لدينا جميعا فرصة سانحة للمشاركة في صنع أخضر جديد يحبه الجميع، بدءا من مسؤول يتبرع بطائرة تنقل الجماهير، إلى مشجع يتمنى فوز أخضره وهو في منزله وسط أسرته، مرورا بلاعب يحترق لأجل الشعار، ومناصر آخر يهتف لأخضرنا، جميعا في مدرجات ستاد جاكرتا الدولي.

Tags:

تنويه:

نرجو من مستخدمي الموقع الكرام عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان أو المعتقدات أو المقدسات. ونرجو عدم استخدام خدمة التعليقات في الترويج لأي إعلانات. كما نرجو ألا يتضمن التعليق السباب أو أي ألفاظ تخدش الحياء والذوق العام تجاه أي شخصيات عامة أو غير عامة.